20‏/05‏/2012

القمر والأغنيات أكبر من ... جدار


فلسطين قريبة وعلى مرمى قمر ، في الأمسيات اعتدنا أن  نغنيه شعراً وأهديناه إلى النساء، قمرنا المسروق نراه الآن شعراً ولحن قيثارة . معلقاً في المدى يقوم بوظيفته الأزلية وينسج الأغنيات .
قمر القمح والزيتون والزعتر وشقائق النعمان نرسمه اليوم ألواناً على الجدران . فيبدو المشهد كئيباً رغم براعة الرسام ...

فلسطين لم تزل قريبة منه خلف جدار يحاول أن يسرق المدى والأغنيات !!

و البحر اليوم كعادته أزرق يستعد لموسم الهجرة .. والحساسين على موعد معه ... المنظر يبدو من بعيد ساحر وجميل ، ورائحة البحر ماركة مسجلة باسم فلسطين .

هي الحرية المفقودة إذن ! و العصافير الصغيرة باتت خائفة ... هذا ما قاله الرجل الذي كان على موعدٍ مع البحر .

... خربشات الأطفال تثيره فتدمع عيناه ،، يمسك قلماً ، يرسم قمراً ويكتب على الجدار ، يأخذ وقته  ، يلتقط صورة أخيرة .. ويمضي .

تقترب الصور أكثر فيظهر الخط باهتاً ... فلتعلم : إنك عاجز عن سرقة المدى من عيوننا ورائحة المتوسط هئنذا أشمها .. بل أكاد أسمع رقصات أمواجه على شواطئ يافا وحيفا وعسقلان . أنت عاجز عن محاصرة الأفق .. بإمكانك منعي من التقاط صورة .. لكن ليس بمقدورك محو البحر من  ذاكرتي .

ورائحة الزعتر البلدي ستحاصرك ، وجذور الصنوبر ستشق طريقاها رغما عنك .

ولتعلم إنه ليس باستطاعتك أن تمنع صبي صغير من رسم شجرة زيتون وكتابة اسم ٍ يبدأ بحرف الفاء وينتهي بحرف النون  على سخافة جسدك الصلب.

لا أتخيل أن بمقدورك منع طائرة ورقية من شق طريقها نحو الجليل ، وأعلم أنك لن تستطيع الإمساك ببالون سيحمل رسالة إلى البحر ستكتبها ابنتي هذا المساء  !!  وأعلم إنه ليس بمقدورك قتل قصة حبٍ بين شابٍ من هنا وفتاةٍ من القدس!!

يا مسكين أنت عاجزٌ عن حماية نفسك فكيف ل اثني عشر متراً من الصلب أن تحمي وطناً ؟؟!!  

و ما هذا الوطن الذي يخاف من الأطفال ؟  

أخيراً لن أنصحك بالاستقالة من مهامك التي أرادها لك من قام بصنعك فالمشهد لم ينته بعد !!!

 فعن طيب خاطر سيسرنا أن نعفيك من مهامك ، و لسواعد أطفالنا سنترك مهمة قلعك من جذورك الناقصة تاريخاً وجغرافيا .

ولن نعفيك هنا ، بل سنستهلك جسدك في بناء مكبات نفاياتنا ، وتبليط  حماماتنا ، ورصف شوارعنا .  وسيطيب لنا شطب اسمك من قاموس مفرداتنا إن وجد أصلاً .

إلى ذلك الحين أقول لك : العصافير ما زالت  قادرة على الطيران لكنها لن تضع عليك بيضها ولا حتى ريشها  ، فقط  ذرقها ما سوف يزين طلتك غير البهية . 


المقطوعة الموسيقية
الولد والجمل الأحمر - وليام نصار -



ليست هناك تعليقات: