02‏/08‏/2016

الكتابة في الزمن الرديء ... الرواية إنموذجاً


لا بدّ للمتابع للساحة الروائية العربية ملاحظة كثرة الأعمال في الآونة الأخيرة ، وإن دلَّ هذا على شيء فهو يشي بحالة إيجابية تتمحور بعودة الكتاب لمكانته الطبيعية  ، ففي الوقت الذي يحتفي الغربيون بوضع مكتبتهم في الغرفة الأولى لبيوتهم ، تجد في الجهة الموازية من العالم العربي أنّ الثلاجة وسفرة الطعام تحتل هذا الحيز ، إن وجدت المكتبة في البيت العربي من الأصل !

يقول الروائي السوري حيدر حيدر :" إن قراءة رواية جميلة يوازي الغرق في حضن إمرأة عارية تحبها " ، وهذا صحيح ، لكن يضعنا أمام السؤال الذي تطمح هذه التدوينة في الإجابة عنه ، كيف نحكم على الرواية بالجمال من عدمه ؟ ، كيف تكون الرواية جميلة ؟ ما مقومات جمال الرواية ؟ كيف تعرف أنّ الرواية جميلة ؟ هل بالضرورة أن تكون الرواية جميلة في نظر كل من يقرأها أم هنالك تفاوت في استحسانها بين القراء ؟

اسئلة متشابهة وربما كان نفس السؤال قد طرح بشكل آخر كل مرة ، لكن الجواب قطعياً واحد .  فالنظرة الفاحصة للروايات الحديثة كفيلة بالإجابة عن السؤال ، فمن الكتَّاب من يتكئ على الموضوع وأصالته دون الإمساك بناصية اللغة وجماليتها وشكلها ، وتجد قاصاً أو روائياً آخر جعل من روايته بحثاً لموضوع ما ، وهذا جميل لكنه خطير في ذات الوقت ، لا يستطيع اتقانه الكثير، ريما نجح قلة في ذلك كرواية عزازيل ليوسف زيدان ، التي تعتبر بحق بحثاً قيماً عن الكنيسة المشرقية في العصر القديم ،  لكن هذه البراعة غير موجودة لدى آخرين .


البراعة تكمن في عناصر لا انفصام فيها من الخيال الخصب وهو الأكثر أهمية ،  وإن بدى لبعض المعاصرين ثانوياً لكن بدونه تصبح الرواية شبيهة فيلم وثائقي ، والقارئ بحاجة لفيلم مشوق يشد الأعصاب ، وإن حمل فكرة سامية او هدف ما فيزدان السمن عسلاً .

ما المزعج إذن ! الأكثر إزعاجاً هو اتجاه كثير من الرواة الجدد إلى كتابة سيرتهم الذاتية وتقديمها كروايات ، أو قصص قصيرة ، وهذا جميل نوعاً ما في حال وروده بين كتابات إبداعية مستوحاة من خيال خصب ، لكن الطامة الكبرى هي بالاعتماد الكامل على حوادث تتعلق بحيواة أولئك الرواة . وسبب ذلك هو قلة الخيال أو عدم وجوده من الأصل ،  وأنا في معزل عن ذكر بعض الأمثلة على أمثال هؤلاء .

يتساءل قارئ مفترض : هل تشجع الأعمال التي تعتمد على اللغة على حساب الموضوع وحداثته ؟! ربما سيكون جوابي بنعم ، لكن إن اعتمد الكاتب على موضوع وقصة جميلة وقدم روايته بقالب لغوي غني فبلا  شك أنّه سيصل إلى القارئ بالشكل المطلوب والأمثل  . 

ليست هناك تعليقات: