05‏/07‏/2015

لا وعي


يوم امتطيت الريح وقلت سيري على هدي الذئاب الجائعة في فيافي العرب  المجدبة ، قفار أمجادنا الكاذبة ،  و في دامس تلك الليلة حيث كنا وحيدين كذئبين في مكب ماضينا المشترك  نبحث في الخباء عن ضالتنا ، عن ثدي أم مفقودة  ينز ولو قليلاً من  اللبن والدفء ، نحن المنومان الآن  بلا حول ولا قوة ، أحدنا سيقتل لا حقاً والآخر لن ينال هذه الأمنية المشتهاة كراهبة بعيدة المنال .

التقيتها أخيراً هي المرأة التي ولدها الشيطان وربتها الملائكة ، فلا هي بقيت شيطانة ولا نالت هالة ملاك ، أعتقد  أن ما خلقت لأجله هو اغوائي حيناً  والتمنع أحياناً  ! وهو السبب الأكثر إقناعاً للأرق الذي تربع داخل رأسي واتخذه محراباً لعبادة الجنس  .

كان الجو ماطراً حينها ، وسقف سيارتي يرشح الماء ، بقيت أحاول جاهداً منعه من السيلان داخل ناقل غيارات السيارة العجوز ، ظناً مني أنها ستصاب بالعطب نتيجة لذلك .  أخذ الضباب حينها يتجمع رويداً رويداً داخل الزجاج الأمامي وأنا أمسحه بظاهر يدي ، ما بدأت  بتخفيف سرعة السيارة ثم العودة إلى الوراء وكان أن رأيتها للمرة الأولى ، " المرأة ذات المعطف الأحمر  " ، بعد أن ترجلت من سيارتي غير عابئ من سيلان الماء ، أخذت بياقة معطفي لأعلى  ، ووحدها غريزة الذئب الجائع لدفء ما حركتني نحو تلك الظبية الأفعوانة لأمدَّ لهــا يـَدَ العون . فنغرق معاً  !

كنت منوما ساعتها وأخذت  تمتصني ، حتى شعيرات أذني تـَلذَّذَتْ وانتشتْ ، كنت حائراً وضائعاً ، حدَّثتني عن مغامراتها وكيف شُفيتْ من أدمانها للخمر ، ثم عَوَضَتْ ذلك بإنهاك جسدها في لذة الجنس ! أخبرتني كثيراً عن طفولتها وجرائمها الصغيرة ، عن أسرارها ، وخوفها من الليل و عن شغفها بأول المطر، باحت لي بخوفها من اكتمال القمر و وخوفها من الجنيات والساحرات ... و الأطفال !، وفوبيا المرتفعات ، لن أنسى جوابها عن سؤالي عندما أخبرتها بانني أتفهم خوفها من الجنيات والساحرات ، وسأتفهم رهاب المرتفعات لكن ما قصة الخوف من القمر و الأطفال ؟!

اسهبت في إخباري بكل ما تتقن من فن البوح ...فأدركت أنها تقرأني أنا وتسترجع جميع مخاوفي وتضربنا بعرض الحائط ، والحائط ماضيَّ السحيق الذي ما زلت أفرُّ منه .

كانت عيناها من الجمال بقدر هائل ، كم تخيلت أن لا عينان بهذا الاتساع واللمعان ، وأنْ لا شَعْرَ بهذا السَّواد والسِّحر يمكن لإنسانة واحدة أن تمتلكه ، تخيلتها ذئبة وحلمت بها فيما بعد تأكلني ، واستيقظت مرارا على هسيس قبلاتها ، فبت أكثر إيمانا بقدرتها على الحب وصنع اللذة من اللاشيء . وسأدرك لاحقا أنها مسكونة بقبيلة من الجان ، يستعصي على ملائكة الكون أجمعين  تخليصي منهم ومما ورَّطت نفسي به .

ذاك الصباح عندما فَرَغَتْ من سكب قُبلاتِها في أصقاع جسدي المنهك ، ذَهَبَتْ لتحضير القهوة ثم  رمتني بنظرة عجلى ....  فامتلأ المكان برائحة الأورجازم . 

مذ ذاك اليوم وقلبي جائع ، أخاف من الليل .
وكلما اكتمل القمر يعوي ذئب غاضب في نسغ دمي ... 

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

رائعة يا صديقي لديك من الإحساس الجميل ما يفقده الكثير من الكتاب بل وتفوقت عليهم بغنى الافكار والمعاني المتضمنة في النص.

عبير

محمد العيسة يقول...

إنها مهنة الفقر التي ما زال يستعصي علي الإمساك بها . فلتكن مجرد خربشات إلى حين .
اشواقي .

غير معرف يقول...

بكل تأكيد جميلة

محمد العيسة يقول...

:)
تحياتي لك يا غير معرف