الشمس اختبأت خلف الغيوم وزخات المطر تموج مع رياح الظهيرة ، وزقزقات العصافير خفتت ، وحده الصبي الحالم يراقب هذا العالم عبر نافذته ، ويقوم برسم رأس قلب على زجاج النافذة و علامة نصر ثم يمسح النافذة بكم قميصه ، ويعيد زفر البخار الدافئ ويرسم من جديد . يمر سرب من السنونو المهاجرة يفتح نافذته فيعبق المكان برائحة المطر والسهول ، يأتيه الصوت ، " قصي " ، تعال معنا ، نعم نعم انتظروني .
::
ينتعل حذاءه بسرعة وينتشل مقلاعه الصغير ويضعه في جيب بنطاله الخلفي ، يذهب بمعية أصدقائه إلى مكان ليس ببعيد وسط المدينة ويبدأ هناك الاشتباك مع قوات الاحتلال ، الصراخ يبتلع المكان و قنابل الغاز لا تجدي نفعاً ، اليوم ليس لكم بل لنا حتى رياح الغرب تتآمر عليكم اليوم ولتشبعوا برائحة مسيل الدموع وحدكم !...قالها أحد الفتية بصراخ للجنود المتمنعين خلف آلياتهم المفترسة .
::
أحد الفتية سقط الآن ، وكان قصي . قصي الذي نسي أحلامه معلقة على زجاج نافذته هذا الصباح ... رأس قلب وعلامة نصر ، ترك حبيبة لم يعشقها بعد !معلقة بين وسادته والسنونو المهاجرة ، وبجانبها علامة نصر .
::
عاجلت طفولته رصاصة ٌمتفجرة فلم تمهله توديع أمه ، غابت الأصوات وأيقن أنه يحلم ، لكن الألم كان فظيعاً وأكبر من أن يحتمله جسده الغض ، نظر إلى بطنه ، ورأى الدم ينز من حيث ثقبت سترته ، شعر بدمه النازف الذي ما انكفأ عن الفوران ، نادى على الرفاق ، وأحداً لم يره ، أراد أن يصرخ لكن فمه لم يطعه هذه المرة ، أحس بثقل في عينيه ، والألم بدأ بالاختفاء ، حين حمله الرفاق أحس بأنه يطير ، تذكر العصافير وأغنية الصباح ..
ــــــــــــــ
28-01-2014
الذكرى السادسة لاستشهاد
قصي سليمان الأفندي
مخيم الدهيشة
::
ينتعل حذاءه بسرعة وينتشل مقلاعه الصغير ويضعه في جيب بنطاله الخلفي ، يذهب بمعية أصدقائه إلى مكان ليس ببعيد وسط المدينة ويبدأ هناك الاشتباك مع قوات الاحتلال ، الصراخ يبتلع المكان و قنابل الغاز لا تجدي نفعاً ، اليوم ليس لكم بل لنا حتى رياح الغرب تتآمر عليكم اليوم ولتشبعوا برائحة مسيل الدموع وحدكم !...قالها أحد الفتية بصراخ للجنود المتمنعين خلف آلياتهم المفترسة .
::
أحد الفتية سقط الآن ، وكان قصي . قصي الذي نسي أحلامه معلقة على زجاج نافذته هذا الصباح ... رأس قلب وعلامة نصر ، ترك حبيبة لم يعشقها بعد !معلقة بين وسادته والسنونو المهاجرة ، وبجانبها علامة نصر .
::
عاجلت طفولته رصاصة ٌمتفجرة فلم تمهله توديع أمه ، غابت الأصوات وأيقن أنه يحلم ، لكن الألم كان فظيعاً وأكبر من أن يحتمله جسده الغض ، نظر إلى بطنه ، ورأى الدم ينز من حيث ثقبت سترته ، شعر بدمه النازف الذي ما انكفأ عن الفوران ، نادى على الرفاق ، وأحداً لم يره ، أراد أن يصرخ لكن فمه لم يطعه هذه المرة ، أحس بثقل في عينيه ، والألم بدأ بالاختفاء ، حين حمله الرفاق أحس بأنه يطير ، تذكر العصافير وأغنية الصباح ..
لا الريح تـحاسبنا ان اخطأنـا
لا الــــرمـــــل الاصـــفــر
لا الموج ينادينا ان خفق النوم
بـاعـيـنـنـا والـورد احـمـر
فكر بسترته المثقوبة ، بأمه ، امتحان الغد ، مقلاعه الصغير ... الأفكار تتعارك في عينيه الآن ، شريط عمره المشروخ كسترته الحمراء يمر أمامه الآن .
::
في ذلك اليوم حين غطت المدينة بنوم عميق وحده المخيم كان مظللاً بالحزن و ضوء الشموع ، لم ينتبه أحدٌ إلى رأس القلب وعلامة النصر على نافذته غير أمه ، في الصباح التالي كانت وسادته الصغيرة مبللة بدمعها ...
وعلى النافذة الصغيرة ، رأس قلب وعلامة نصر وقبلة !!
::
السنونو والعصافير المهاجرة واصلت رحلتها . و في وسط المدينة بقعة دم .فكر بسترته المثقوبة ، بأمه ، امتحان الغد ، مقلاعه الصغير ... الأفكار تتعارك في عينيه الآن ، شريط عمره المشروخ كسترته الحمراء يمر أمامه الآن .
::
في ذلك اليوم حين غطت المدينة بنوم عميق وحده المخيم كان مظللاً بالحزن و ضوء الشموع ، لم ينتبه أحدٌ إلى رأس القلب وعلامة النصر على نافذته غير أمه ، في الصباح التالي كانت وسادته الصغيرة مبللة بدمعها ...
وعلى النافذة الصغيرة ، رأس قلب وعلامة نصر وقبلة !!
::
ــــــــــــــ
28-01-2014
الذكرى السادسة لاستشهاد
قصي سليمان الأفندي
مخيم الدهيشة